وروى أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في كتاب،، المنتظم،، أن زيادا لما حصبه أهل الكوفة، وهو يخطب على المنبر، قطع أيدي ثمانين منهم، وهم أن يخرب دورهم، ويجمر نخلهم، فجمعهم حتى ملا بهم المسجد والرحبة، يعرضهم على البراءة من علي عليه السلام، وعلم أنهم سيمتنعون، فيحتج بذلك على استئصالهم، وإخراب بلدهم.
قال عبد الرحمن بن السائب الأنصاري: فإني لمع نفر من قومي، والناس يومئذ في أمر عظيم، إذ هومت تهويمة (1)، فرأيت شيئا أقبل، طويل العنق، مثل عنق البعير أهدر أهدل (2)، فقلت: ما أنت؟ فقال: أنا النقاد ذو الرقبة، بعثت إلى صاحب هذا القصر، فاستيقظت فزعا، فقلت لأصحابي: هل رأيتم ما رأيت؟ قالوا: لا، فأخبرتهم، وخرج علينا خارج من القصر، فقال: انصرفوا، فإن الأمير يقول لكم: إني عنكم اليوم مشغول، وإذا بالطاعون قد ضربه، فكان يقول: إني لأجد في النصف من جسدي حر النار حتى مات، فقال عبد الرحمن بن السائب:
ما كان منتهيا عما أراد بنا * حتى تناوله النقاد ذو الرقبة فأثبت الشق منه ضربة عظمت * كما تناول ظلما صاحب الرحبة (2) قلت: قد يظن ظان أن: (قوله صاحب الرحبة) يمكن أن يحتج به من قال: إن قبر أمير المؤمنين عليه السلام في رحبة المسجد بالكوفة، ولا حجة في ذلك، لان أمير المؤمنين كان يجلس معظم زمانه في رحبة المسجد، يحكم بين الناس، فجاز أن ينسب إليه بهذا الاعتبار.