شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٤١
شدوا أيديكم على صدقاتكم، ثم صلوا بها أرحامكم، وعودوا إن شئتم على فقرائكم، فأرضي كل طائفة بضرب من القول، وكان فيهم نصارى كثير، وقد كانوا أسلموا، فلما رأوا ذلك الاختلاف، قالوا: والله لديننا الذي خرجنا منه خير وأهدى من دين هؤلاء الذين لا ينهاهم دينهم عن سفك الدماء، وإخافة السبل، فرجعوا إلى دينهم.
فلقى الخريت أولئك، فقال: ويحكم! إنه لا ينجيكم من القتل إلا الصبر لهؤلاء القوم ولقتالهم، أتدرون ما حكم على فيمن أسلم من النصارى ثم رجع إلى النصرانية؟ لا والله لا يسمع له قولا، ولا يرى له عذرا، ولا يقبل منه توبة، ولا يدعوه إليها، وإن حكمه فيه أن يضرب عنقه ساعة يستمكن منه، فما زال حتى خدعهم وجاءهم من كان من بنى ناجية في تلك الناحية ومن غيرهم، فاجتمع إليه ناس كثير، وكان منكرا داهيا.
قال: فلما رجع معقل، قرأ على أصحابه كتابا من علي عليه السلام فيه:
من عبد الله على أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا، من المسلمين والمؤمنين والمارقين والنصارى والمرتدين. سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وكتابه، والبعث بعد الموت وافيا بعهد الله، ولم يكن من الخائنين، أما بعد فإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وأن أعمل فيكم بالحق وبما أمر الله تعالى في كتابه، فمن رجع منكم إلى رحله وكف يده، واعتزل هذا المارق (1) الهالك المحارب (2)، الذي حارب الله ورسوله والمسلمين، وسعى في الأرض فسادا، فله الأمان على ماله ودمه. ومن تابعه على حربنا والخروج من طاعتنا، استعنا بالله عليه، وجعلناه بيننا وبينه، وكفى بالله وليا. والسلام.
قال: فأخرج معقل راية أمان فنصبها، وقال: من أتاها من الناس فهو آمن إلا الخريت وأصحابه الذين نابذوا أول مرة، فتفرق عن الخريت كل من كان معه من غير قومه، وعبأ معقل بن قيس أصحابه، ثم زحف بهم نحوه، وقد حضر مع الخريت جميع

(1) ا: (الفاسق).
(2) ساقطة من ج.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335