بيعته، وخلى سبيل عياله، ومن كان ارتد عن الاسلام عرض عليه الرجوع إلى الاسلام وإلا القتل، فأسلموا. فخلى سبيلهم، وسبيل عيالاتهم، إلا شيخا منهم نصرانيا يقال له:
الرملخس (1) بن منصور، فإنه قال: والله ما زلت (2) مصيبا مذ عقلت، إلا في خروجي من ديني، دين الصدق، إلى دينكم، دين السوء، لا والله لا أدع ديني ولا أقرب دينكم ما حييت.
فقدمه معقل فضرب عنقه، وجمع الناس، فقال: أدوا ما عليكم في هذه السنين من الصدقة، فأخذ من المسلمين عقالين، وعمد إلى النصارى وعيالاتهم فاحتملهم معه، وأقبل المسلمون الذين كانوا معهم، يشيعونهم، فأمر معقل بردهم، فلما ذهبوا لينصرفوا، تصايحوا ودعا الرجال والنساء بعضهم إلى بعض.
قال: فلقد رحمتهم رحمة ما رحمتها أحدا قبلهم ولا بعدهم. وكتب معقل إلى علي عليه السلام:
أما بعد، فإني أخبر أمير المؤمنين عن جنده وعن عدوه أنا دفعنا إلى عدونا بأسياف البحر، فوجدنا بها قبائل ذات حد وعدد، وقد جمعوا لنا، فدعوناهم إلى الجماعة والطاعة، وإلى حكم الكتاب والسنة، وقرأنا عليهم كتاب أمير المؤمنين عليه السلام، ورفعنا لهم راية أمان، فمالت إلينا طائفة منهم، وثبتت طائفة أخرى، فقبلنا أمر التي أقبلت، وصمدنا إلى التي أدبرت، فضرب الله وجوههم، ونصرنا عليهم، فأما من كان مسلما، فإنا مننا عليه، وأخذنا بيعته لأمير المؤمنين، وأخذنا منهم الصدقة التي كانت عليهم، وأما من ارتد فعرضنا عليهم الرجوع إلى الاسلام، وإلا قتلناهم، فرجعوا إلى الاسلام، غير رجل واحد فقتلناه، وأما النصارى، فإنا سبيناهم وأقبلنا بهم، ليكونوا نكالا لمن بعدهم من أهل الذمة، كي لا يمنعوا الجزية، ولا يجترئوا على قتال أهل القبلة، وهم