ثم قام فخرج، وخرجنا معه، حتى نزل الأهواز، فأقمنا ننتظر بعث البصرة، فأبطأ علينا، فقام معقل فقال: أيها الناس، إنا قد انتظرنا أهل البصرة، و قد أبطئوا علينا، وليس بنا بحمد الله قلة ولا وحشة إلى الناس، فسيروا بنا إلى هذا العدو القليل الذليل، فإني أرجو أن ينصركم الله ويهلكهم. فقام إليه أخي كعب بن قعين فقال: أصبت إن شاء الله رأينا رأيك، وإني لأرجو أن ينصرنا الله عليهم، وإن كانت الأخرى، فإن في الموت على الحق لتعزية عن الدنيا. فقال: سيروا على بركة الله. فسرنا، فوالله ما زال معقل بن قيس لي ولأخي مكرما وادا، ما يعدل بنا أحدا من الجند، ولا يزال يقول لأخي:
كيف قلت: إن في الموت على الحق لتعزية عن الدنيا! صدقت والله وأحسنت، ووفقت وفقك الله! قال: فوالله ما سرنا يوما، وإذا بفيج (1) يشتد بصحيفة في يده.
من عبد الله بن عباس إلى معقل بن قيس، أما بعد، فإن أدركك رسولي بالمكان الذي كنت مقيما به، أو أدركك وقد شخصت منه، فلا تبرحن من المكان الذي ينتهى إليك رسولي وأنت فيه، حتى يقدم عليك بعثنا الذي وجهناه إليك، فقد وجهت إليك خالد بن معدان الطائي، وهو من أهل الدين والصلاح والنجدة، فاسمع منه واعرف ذلك له إن شاء الله. والسلام.
قال: فقرأه معقل بن قيس على أصحابه. فسروا به، وحمدوا الله، وقد كان ذلك الوجه هالهم. وأقمنا حتى قدم علينا خالد بن معدان الطائي، وجاءنا حتى دخل على صاحبنا، فسلم عليه بالإمرة، واجتمعنا جميعا في عسكر واحد، ثم خرجنا إلى الناجي وأصحابه، فأخذوا يرتفعون نحو جبال رامهرمز، يريدون قلعة حصينة، وجاءنا أهل البلد فأخبرونا بذلك، فخرجنا في آثارهم فلحقناهم، وقد دنوا من الجبل، فصففنا لهم، ثم أقبلنا نحوهم، فجعل معقل على ميمنته يزيد بن المعقل الأزدي، وعلى ميسرته منجاب بن راشد الضبي، ووقف