السواء، فتولوا عن الحق وأخذتهم العزة بالاثم، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل، فقصدونا وصمدنا صمدهم، فاقتتلنا قتالا شديدا ما بين قائم الظهر إلى أن دلكت (1) الشمس، واستشهد منا رجلان صالحان، وأصيب منهم خمسة نفر، وخلوا لنا المعركة، وقد فشت فينا وفيهم الجراح -. ثم إن القوم لما أدركوا الليل خرجوا من تحته متنكرين إلى أرض الأهواز، وقد بلغني أنهم نزلوا من الأهواز جانبا. ونحن بالبصرة نداوي جراحنا، وننتظر أمرك رحمك الله، والسلام.
فلما أتاه الكتاب، قرأه على الناس، فقام إليه معقل بن قيس الرياحي، فقال:
أصلحك الله يا أمير المؤمنين إنما كان ينبغي أن يكون مكان كل رجل من هؤلاء الذين بعثتهم في طلبهم عشرة من المسلمين، فإذا لحقوهم استأصلوا شأفتهم (2)، وقطعوا دابرهم، فأما أن تلقاهم بأعدادهم، فلعمري ليصبرن لهم، فإنهم قوم عرب، والعدة تصبر للعدة، فيقاتلون كل القتال.
قال: فقال عليه السلام له: تجهز يا معقل إليهم، وندب معه ألفين من أهل الكوفة، فيهم يزيد بن معقل، وكتب إلى عبد الله بن العباس بالبصرة رحمه الله تعالى:
أما بعد، فابعث رجلا من قبلك صليبا شجاعا، معروفا بالصلاح في ألفي رجل من أهل البصرة، فليتبع معقل بن قيس، فإذا خرج من أرض البصرة، فهو أمير أصحابه حتى يلقى معقلا، فإذا لقيه فمعقل أمير الفريقين، فليسمع (3) منه وليطعه ولا يخالفه، ومر زياد بن خصفة فليقبل إلينا، فنعم المرء زياد، ونعم القبيل قبيله! والسلام.