شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٣٣
تلك حمر النعم، فقلت له: يا أمير المؤمنين، أنا والله كذلك من أولئك، أنا والله حيث تحب.
ثم مضيت إلى زياد بالكتاب، وأنا على فرس رائع كريم، وعلى السلاح، فقال لي زياد: يا بن أخي، والله ما لي عنك من غنى (1)، وإني أحب أن تكون معي في وجهي هذا، فقلت: إني قد استأذنت أمير المؤمنين في ذلك فأذن لي، فسر بذلك، ثم خرجنا حتى أتينا الموضع الذي كانوا فيه، فسألنا عنهم، فقيل: أخذوا نحو المدائن فلحقناهم، وهم نزول بالمدائن، وقد أقاموا بها يوما وليلة، وقد استراحوا وعلفوا خيولهم، فهم جامون مريحون، وأتيناهم وقد تقطعنا ولغبنا ونصبنا، فلما رأونا وثبوا على خيولهم، فاستووا عليها، فجئنا حتى انتهينا إليهم، فنادى الخريت بن راشد: يا عميان القلوب والابصار، أمع الله وكتابه أنتم أم مع القوم الظالمين؟ فقال له زياد بن خصفة: بل مع الله وكتابه وسنة رسوله، ومع من الله ورسوله وكتابه آثر عنده من الدنيا ثوابا ولو أنها منذ يوم خلقت إلى يوم تفنى لآثر الله عليها. أيها العمى الابصار، الصم الاسماع!
فقال الخريت: فأخبرونا ما تريدون؟ فقال له زياد - وكان مجربا رفيقا: قد ترى ما بنا من النصب واللغوب (2)، والذي جئنا له لا يصلح فيه الكلام علانية على رؤوس أصحابك، ولكن تنزلون وننزل، ثم نخلو جميعا، فنتذاكر أمرنا وننظر فيه، فإن رأيت فيما جئنا له حظا لنفسك قبلته، وإن رأيت فيما أسمع منك أمرا أرجو فيه العافية لنا ولك لم أرده عليك.
فقال الخريت: انزل، فنزل فأقبل إلينا زياد، فقال: أنزلوا على هذا الماء، فأقبلنا حتى انتهينا إلى الماء، فنزلنا به، فما هو إلا أن نزلنا فتفرقنا، فتحلقنا عشرة وتسعة وثمانية وسبعة، تضع كل حلقة طعامها بين أيديها، لتأكل ثم تقوم إلى الماء فتشرب.

(1) الطبري: (غناء).
(2) الطبري: (من السغوب واللغوب).
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335