خلوا سبيل هذا، لا سبيل لكم عليه، فأقبل إلينا ذلك الذمي، فأخبرنا الخبر، وقد سألت عنهم، فلم يخبرني أحد عنهم بشئ، فليكتب إلى أمير المؤمنين فيهم برأي أنته إليه، إن شاء الله.
فكتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام: أما بعد، فقد فهمت ما ذكرت من أمر العصابة التي مرت بعملك، فقتلت البر المسلم، وأمن عندهم المخالف المشرك (1)، وإن أولئك قوم استهواهم الشيطان فضلوا، كالذين حسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا، فأسمع بهم وأبصر يوم تخبر (2) أعمالهم! فالزم عملك وأقبل على خراجك، فإنك كما ذكرت في طاعتك ونصيحتك، والسلام.
قال: فكتب علي عليه السلام إلى زياد بن خصفة، مع عبد الله بن وأل التيمي، كتابا نسخته:
أما بعد، فقد كنت أمرتك أن تنزل دير أبى موسى حتى يأتيك أمري، وذلك أنى لم أكن علمت أين توجه القوم، وقد بلغني أنهم أخذوا نحو قرية من قرى السواد، فاتبع آثارهم وسل عنهم، فإنهم قد قتلوا رجلا من أهل السواد مسلما مصليا، فإذا أنت لحقت بهم فارددهم إلى، فإن أبوا فناجزهم، واستعن بالله عليهم، فإنهم قد فارقوا الحق، وسفكوا الدم الحرام، وأخافوا السبيل. والسلام.
قال عبد الله بن وأل: فأخذت الكتاب منه عليه السلام - وأنا يومئذ شاب - فمضيت به غير بعيد ثم رجعت إليه، فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا أمضى مع زياد بن خصفة إلى عدوك، إذا دفعت إليه كتابك؟ فقال: يا بن أخي، افعل، فوالله إني لأرجو أن تكون من أعواني على الحق وأنصاري على القوم الظالمين. قال: فوالله ما أحب أن لي بمقالته