الثلاثة الذين خلفوا " أي عن رسول الله " حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت... " الآية.
* * * (مناقب علي وذكر طرف من أخباره في عدله وزهده) روى علي بن محمد بن أبي سيف المدائني، عن فضيل بن الجعد، قال: آكد الأسباب في تقاعد العرب عن أمير المؤمنين عليه السلام أمر المال، فإنه لم يكن يفضل شريفا على مشروف ولا عربيا على عجمي، ولا يصانع الرؤساء وأمراء القبائل، كما يصنع الملوك، ولا يستميل أحدا إلى نفسه. وكان معاوية بخلاف ذلك، فترك الناس عليا والتحقوا بمعاوية:
فشكا علي عليه السلام إلى الأشتر تخاذل أصحابه، وفرار بعضهم إلى معاوية، فقال الأشتر:
يا أمير المؤمنين، إنا قاتلنا أهل البصرة بأهل البصرة وأهل الكوفة، ورأي الناس واحد، وقد اختلفوا بعد، وتعادوا وضعفت النية، وقل العدد، وأنت تأخذهم بالعدل، وتعمل فيهم بالحق، وتنصف الوضيع من الشريف، فليس للشريف عندك فضل منزلة على الوضيع، فضجت طائفة ممن معك من الحق إذ عموا به، واغتموا من العدل إذ صاروا فيه، ورأوا صنائع معاوية عند أهل الغناء والشرف، فتاقت أنفس الناس إلى الدنيا، وقل من ليس للدنيا بصاحب، وأكثرهم يجتوي الحق ويشتري الباطل، ويؤثر الدنيا، فإن تبذل المال يا أمير المؤمنين تمل إليك أعناق الرجال، وتصف نصيحتهم لك، وتستخلص ودهم، صنع الله لك يا أمير المؤمنين! وكبت أعداءك، وفض جمعهم، وأوهن كيدهم، وشتت أمورهم، إنه بما يعملون خبير.
فقال علي عليه السلام: