إني امرأة من العرب، وهذه من العجم، فقال: إني والله لا أجد في هذا الفئ فضلا على بني إسحاق.
وروى معاوية بن عمار عن جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: ما اعتلج على علي عليه السلام أمران في ذات الله، إلا أخذ بأشدهما، ولقد علمتم أنه كان يأكل - يا أهل الكوفة - عندكم من ماله بالمدينة، وإن كان ليأخذ السويق فيجعله في جراب، ويختم عليه مخافة أن يزاد عليه من غيره. ومن كان أزهد في الدنيا من علي عليه السلام!
وروى النضر بن منصور، عن عقبة بن علقمة، قال: دخلت على علي عليه السلام، فإذا بين يديه لبن حامض، آذتني حموضته، وكسر يابسة، فقلت: يا أمير المؤمنين، أتأكل مثل هذا! فقال لي: يا أبا الجنوب، كان رسول الله يأكل أيبس من هذا، ويلبس أخشن من هذا، وأشار إلى ثيابه، فإن أنا لم آخذ بما آخذ به خفت ألا ألحق به.
وروى عمران بن مسلمة، عن سويد بن علقمة، قال: دخلت على علي عليه السلام بالكوفة، فإذا بين يديه قعب لبن أجد ريحه من شدة حموضته، وفي يده رغيف، ترى قشار الشعير على وجهه، وهو يكسره، ويستعين أحيانا بركبته، وإذا جاريته فضة قائمة على رأسه، فقلت: يا فضة، أما تتقون الله في هذا الشيخ! ألا نخلتم دقيقه؟ فقالت:
إنا نكره أن نؤجر ويأثم، نحن قد أخذ علينا ألا ننخل له دقيقا ما صحبناه - قال:
وعلي عليه السلام لا يسمع ما تقول، فالتفت إليها فقال: ما تقولين؟ قالت: سله، فقال لي: ما قلت لها؟ قال: فقلت إني قلت لها: لو نخلتم دقيقه! فبكى، ثم قال: بأبي وأمي من لم يشبع ثلاثا متوالية (من) خبز بر حتى فارق الدنيا، ولم ينخل دقيقه، قال:
يعني رسول الله صلى الله عليه وآله.