ظهر، والمعنى: ما الذي صدك عن طاعتي بعد إظهارك لها! وحذف الضمير المفعول المنصوب كثير جدا، كقوله تعالى: " واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " (1)، أي أرسلناه، ولا بد من تقديره، كي لا يبقى الموصول بلا عائد.
وقال القطب الراوندي: قوله: " فما عدا مما بدا " له معنيان: أحدهما ما الذي منعك مما كان قد بدا منك من البيعة قبل هذه الحالة؟ والثاني: ما الذي عاقك؟ ويكون المفعول الثاني ل " عدا " محذوفا، يدل عليه الكلام، أي ما عداك! يريد ما شغلك وما منعك مما كان بدا لك من نصرتي! من البدا الذي يبدو للانسان.
ولقائل أن يقول: ليس في الوجه الثاني زيادة على الوجه الأول إلا زيادة فاسدة، أما إنه ليس فيه زيادة، فلأنه فسر في الوجه الأول " عدا " بمعنى منع، ثم فسره في الوجه الثاني بمعنى عاق، وفسر عاق بمنع وشغل، فصار " عدا " في الوجه الثاني مثل " عدا " في الوجه الأول.
وقوله: " مما كان بدا منك " فسره في الأول والثاني بتفسير واحد، فلم يبق بين الوجهين تفاوت. وأما الزيادة الفاسدة فظنه أن " عدا " يتعدى إلى مفعولين، وأنه قد حذف الثاني، وهذا غير صحيح، لان " عدا " ليس من الافعال التي تتعدى إلى مفعولين بإجماع النحاة، ومن العجب تفسيره المفعول الثاني المحذوف على زعمه بقوله: أي ما عداك؟ وهذا المفعول المحذوف هاهنا هو مفعول " عدا " الذي لا مفعول لها غيره، فلا يجوز أن يقال إنه أول ولا ثان.
ثم حكى القطب الراوندي حكاية معناها أن صفية بنت عبد المطلب أعتقت عبيدا، (2) (ثم ماتت) (2)، ثم مات العبيد ولم يخلفوا وارثا إلا مواليهم، وطلب علي عليه السلام ميراث العبيد بحق التعصيب، وطلبه الزبير بحق الإرث من أمه، وتحاكما إلى عمر، فقضى عمر بالميراث للزبير.