كان أمير المؤمنين عليه السلام، يقول: ما زال الزبير منا أهل البيت، حتى شب ابنه عبد الله.
برز علي عليه السلام بين الصفين حاسرا، وقال ليبرز إلي الزبير، فبرز إليه مدججا - فقيل لعائشة: قد برز الزبير إلى علي عليه السلام، فصاحت: وا زبيراه! فقيل لها: لا بأس عليه منه، إنه حاسر والزبير دارع (1) - فقال له: ما حملك يا أبا عبد الله على ما صنعت! قال: أطلب بدم عثمان، قال: أنت وطلحة وليتماه، وإنما نوبتك من ذلك أن تقيد به نفسك وتسلمها إلى ورثته، ثم قال: نشدتك الله! أتذكر يوم مررت بي ورسول الله صلى الله عليه متكئ على يدك، وهو جاء من بني عمرو بن عوف، فسلم علي وضحك في وجهي، فضحكت إليه، لم أزده على ذلك، فقلت: لا يترك ابن أبي طالب يا رسول الله زهوه! فقال لك: " مه إنه ليس بذي زهو، أما إنك ستقاتله وأنت له ظالم "! فاسترجع الزبير وقال: لقد كان ذلك، ولكن الدهر أنسانيه، ولأنصرفن عنك، فرجع، فأعتق عبده سرجس تحللا (2) من يمين لزمته في القتال، ثم أتى عائشة، فقال لها: إني ما وقفت موقفا قط، ولا شهدت حربا إلا ولي فيه رأي وبصيرة إلا هذه الحرب، وإني لعلى شك من أمري، وما أكاد أبصر موضع قدمي. فقالت له: يا أبا عبد الله، أظنك فرقت سيوف ابن أبي طالب، إنها والله سيوف حداد، معدة للجلاد، تحملها فئة أنجاد، ولئن فرقتها لقد فرقها الرجال قبلك! قال: كلا، ولكنه ما قلت لك.
ثم انصرف.
* * * وروى فروة بن الحارث التميمي، قال: كنت فيمن اعتزل عن الحرب بوادي السباع (3) مع الأحنف بن قيس، وخرج ابن عم لي يقال له الجون، مع عسكر البصرة، فنهيته