أن ينزع عنها. فقال لها مروان: وما أنت وذاك! والله لقد مات أبوك وما يحسن أن يتوضأ! فقالت: مهلا يا مروان عن ذكر أبي إلا بخير، والله لولا أن أباك عم عثمان، وأنه يناله غمه وعيبه، لأخبرتك من أمره بما لا أكذب فيه عليه.
فأعرض عنه عثمان، ثم عاد فقال: يا أمير المؤمنين، أأتكلم أم أسكت؟ فقال:
تكلم، فقال: بأبي أنت وأمي! والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع، فكنت أول من رضي بها وأعان عليها، ولكنك قلت ما قلت، وقد بلغ الحزام الطبيين، وجاوز السيل الزبى (1)، وحين أعطي الخطة الذليلة الذليل، والله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها، أجمل من توبة تخوف عليها، ما زدت على أن جرأت عليك الناس.
فقال عثمان: قد كان من قولي ما كان، وإن الفائت لا يرد، ولم آل خيرا.
فقال مروان: إن الناس قد اجتمعوا ببابك أمثال الجبال، قال: ما شأنهم؟ قال:
أنت دعوتهم إلى نفسك، فهذا يذكر مظلمة، وهذا يطلب مالا، وهذا يسأل نزع عامل من عمالك عنه، وهذا ما جنيت على خلافتك، ولو استمسكت وصبرت كان خيرا لك.
قال: فأخرج أنت إلى الناس فكلمهم فإني أستحيي أن أكلمهم وأردهم.
فخرج مروان إلى الناس، وقد ركب بعضهم بعضا، فقال: ما شأنكم؟ قد اجتمعتم كأنكم جئتم لنهب، شاهت الوجوه (2)! أتريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا!
اعزبوا عنا، والله إن رمتمونا لنمرن عليكم ما حلا، ولنحلن بكم ما لا يسركم، ولا تحمدوا فيه غب (3) رأيكم، ارجعوا إلى منازلكم، فإنا والله غير مغلوبين على ما في أيدينا