فرجع الناس خائبين يشتمون عثمان ومروان، وأتى بعضهم عليا عليه السلام فأخبره الخبر فأقبل علي عليه السلام على عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري، فقال:
أحضرت خطبة عثمان؟ قال: نعم، قال: أحضرت مقالة مروان للناس؟ قال: نعم فقال:
أي عباد الله، يا لله للمسلمين! إني إن قعدت في بيتي، قال لي: تركتني وخذلتني! وإن تكلمت فبلغت له ما يريد، جاء مروان فتلعب به حتى قد صار سيقة (1) له، يسوقه حيث يشاء، بعد كبر السن وصحبته الرسول صلى الله عليه. وقام مغضبا من فوره حتى دخل على عثمان، فقال له: أما يرضى مروان منك إلا أن يحرفك عن دينك وعقلك!
فأنت معه كجمل الظعينة، يقاد حيث يسار به، والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا عقله، وإني لأراه يوردك ثم لا يصدرك، وما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أفسدت شرفك، وغلبت على رأيك. ثم نهض.
فدخلت نائلة بنت الفرافصة، فقالت: قد سمعت قول علي لك، وإنه ليس براجع إليك ولا معاود لك، وقد أطعت مروان يقودك حيث يشاء. قال: فما أصنع؟ قالت:
تتقي الله وتتبع سنة صاحبيك، فإنك متى أطعت مروان قتلك، وليس لمروان عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة، وإنما تركك الناس لمكانه، وإنما رجع عنك أهل مصر لقول علي، فأرسل إليه فاستصلحه، فإن له عند الناس قدما، وإنه لا يعصى.
فأرسل إلى علي فلم يأته وقال: قد أعلمته أني غير عائد (2).
قال أبو جعفر: فجاء عثمان إلى علي بمنزله ليلا، فاعتذر إليه، ووعد من نفسه الجميل، وقال: إني فاعل، وإني غير فاعل، فقال له علي عليه السلام: أبعد ما تكلمت على منبر رسول الله صلى الله عليه، وأعطيت من نفسك، ثم دخلت بيتك، وخرج مروان