فسلموا عليه، وعرضوا عليه أمرهم، فصاح بهم وطردهم، وقال: لقد علم الصالحون أن جيش المروة وذي خشب والأعوص، ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه.
فانصرفوا عنه.
وأتى البصريون طلحة، فقال لهم مثل ذلك، وأتى الكوفيون الزبير، فقال لهم مثل ذلك. فتفرقوا وخرجوا عن المدينة إلى أصحابهم.
فلما أمن أهل المدينة منهم واطمأنوا إلى رجوعهم لم يشعروا إلا والتكبير في نواحي المدينة، وقد نزلوها، وأحاطوا بعثمان، ونادى مناديهم: يا أهل المدينة، من كف يده عن الحرب فهو آمن. فحصروه في منزله، إلا أنهم لم يمنعوا الناس من كلامه ولقائه، فجاءهم جماعة من رؤساء المهاجرين، وسألوهم: ما شانهم؟ فقالوا: لا حاجة لنا في هذا الرجل ليعتزلنا لنولي غيره، لم يزيدوهم على ذلك.
فكتب عثمان إلى أهل الأمصار، يستنجدهم ويأمرهم بتعجيل الشخوص إليه للمنع عنه، ويعرفهم ما الناس فيه. فخرج أهل الأمصار على الصعب والذلول، فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري، وبعث عبد الله بن سعد بن أبي سرح معاوية بن خديج، وخرج من الكوفة القعقاع بن عمرو، بعثه أبو موسى.
وقام بالكوفة نفر يحرضون الناس على نصر عثمان وإعانة أهل المدينة، منهم عقبة بن عمر، وعبد الله بن أبي أوفى، وحنظله الكاتب، وكل هؤلاء من الصحابة. ومن التابعين مسروق، والأسود، وشريح، وغيرهم.
وقام بالبصرة عمران بن الحصين، وأنس بن مالك، وغيرهما من الصحابة. ومن التابعين كعب بن سور (1)، وهرم بن حيان وغيرهما.