الشجر ونحوه ممالا روح فيه فلا تحرم صنعته ولا التكسب به وسواء الشجر المثمر وغيره وهذا مذهب العلماء كافة الا مجاهدا فإنه جعل الشجر المثمر من المكروه قال القاضي لم يقله أحد غير مجاهد واحتج مجاهد بقوله تعالى " أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي " واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم ويقال لهم أحيوا ما خلقتم أي اجعلوه حيونا ذا روح كما ضاهيتم وعليه رواية أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي حديث ابن عباس رضي الله عنه المذكور في الكتاب ان كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له وأما رواية أشد عذابا فقيل هي محمولة على من فعل الصورة لتعبد وهو صانع الأصنام ونحوها فهذا كافر وهو أشد عذابا وقيل هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله تعالى واعتقد ذلك فهذا كافر له من أشد العذاب ما للكفار ويزيد عذابه بزيادة قبح كفره فأما من لم يقصد بها العبادة ولا المضاهاة فهو فاسق صاحب ذنب كبير ولا يكفر كسائر المعاصي وأما قوله تعالى " ذرة أو حبة أو شعيرة " فالذرة بفتح الذال وتشديد الراء ومعناه فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير أي ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيز كما سبق والله أعلم
(٩١)