باب الطب والمرض والرقى قوله (إن جبرئيل رقى النبي صلى الله عليه وسلم) وذكر الأحاديث بعده في الرقى الحديث الآخر في الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون فقد يظن مخالفا لهذه الأحاديث ولا مخالفة بل المدح في ترك الرقى المراد بها الرقى التي هي من كلام الكفار والرقى المجهولة والتي بغير العربية ومالا يعرف معناها فهذه مذمومة لاحتمال أن معناها كفر أو قريب منه أو مكروه وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهى فيه بل هو سنة ومنهم من قال في الجمع بين الحديثين أن المدح في ترك الرقى للأفضلية وبيان التوكل والذي فعل الرقى وأذن فيها لبيان الجواز مع أن تركها أفضل وبهذا قال ابن عبد البر وحكاه عمن حكاه والمختار الأول وقد نقلوا الاجماع على جواز الرقى بالآيات وأذكار الله تعالى قال المازري جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله أو بذكره ومنهى عنها إذا كانت باللغة العجمية أو بما لا يدرى معناه لجواز أن يكون فيه كفر قال واختلفوا في رقية أهل الكتاب فجوزها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكرهها مالك خوفا أن يكون مما بدلوه ومن جوازها قال الظاهر أنهم لم يبدلوا الرقى فإنهم لهم غرض في ذلك بخلاف غيرها مما بدلوه وقد ذكر مسلم بعد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اعرضوا على رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شئ وأما قوله في الرواية الأخرى يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى فأجاب العلماء عنه بأجوبة أحدها كان نهى أولا ثم نسخ ذلك وأذن فيها وفعلها واستقر الشرع على الاذن والثاني أن النهى عن الرقى المجهولة كما سبق والثالث أن النهى لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتأثيرها بطبعها كما كانت الجاهلية تزعمه في أشياء كثيرة أما قوله في الحديث الآخر لا رقية إلا من عين أو حمة فقال العلماء لم يرد به حصر الرقية الجائزة فيهما ومنعها فيما عداهما وإنما المراد لا رقية أحق وأولى من رقبة العين والحمة لشدة الضرر فيهما قال القاضي وجاء في حديث في غير مسلم سئل عن النشرة فأضافها إلى الشيطان قال والنشرة
(١٦٩)