باب لكل داء دواء واستحباب التداوي قوله صلى الله عليه وسلم (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله) الدواء بفتح الدال ممدود وحكى جماعات منهم الجوهري فيه لغة بكسر الدال قال القاضي هي لغة الكلابين وهو شاذ وفى هذا الحديث إشارة إلى استحباب الدواء وهو مذهب أصحابنا وجمهور السلف وعامة الخلف قال القاضي في هذه الأحاديث جمل من علوم الدين والدنيا وصحة علم الطب وجواز التطيب في الجملة واستحبابه بالأمور المذكورة في هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وفيها رد على من أنكر التداوي من غلاة الصوفية وقال كل شئ بقضاء وقدر فلا حاجة إلى التداوي وحجة العلماء هذه الأحاديث ويعتقدون أن الله تعالى هو الفاعل وأن التداوي هو أيضا من قدر الله وهذا كالأمر بالدعاء وكالأمر بقتال الكفار وبالتحصن ومجانية الالقاء باليد إلى التهلكة مع أن الأجل لا يتغير والمقادير لا تتأخر ولا تتقدم عن أوقاتها ولابد من وقوع المقدرات والله أعلم قال الإمام أبو عبد الله المازري ذكر مسلم هذه الأحاديث الكثيرة في الطب والعلاج وقد اعترض في بعضها من في قلبه مرض فقال الأطباء مجمعون على أن العسل مسهل فكيف يوصف لمن به الاسهال ومجمعون أيضا أن استعمال المحموم الماء البارد مخاطرة قريب من الهلاك لأنه يجمع المسام ويحقن البخار ويعكس الحرارة إلى داخل الجسم فيكون سببا للتلف وينكروا أيضا مداواة ذات الجنب بالقسط مع ما فيه من الحرارة الشديدة ويرون ذلك خطرا قال المازري وهذا الذي قال هذا المعترض جهالة بينة وهو فيها كما قال الله تعالى كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه نشرح الأحاديث المذكورة في هذا الموضع فنقول قوله صلى الله عليه
(١٩١)