ابن عباس رضي الله عنه (فأنكر ذلك قال فوالله لا أسمه الا أقصى شئ من الوجه فأمر بحمار له فكوى في جاعرتيه فهو أول من كوى الجاعرتين) أما الوسم فبالسين المهملة هذا هو الصحيح المعروف في الروايات وكتب الحديث قال القاضي ضبطناه بالمهملة قال وبعضهم يقوله بالمهملة وبالمعجمة وبعضهم فرق فقال بالمهملة في الوجه وبالمعجمة في سائر الجسد وأما الجاعرتان فيهما حرفا الورك المشرفان مما يلي الدبر وأما القائل فوالله لا أسمه الا أقصى شئ من الوجه فقد قال القاضي عياض هو العباس بن عبد المطلب كذا ذكره في سنن أبي داود وكذا صرح به في رواية البخاري في تاريخه قال القاضي وهو في كتاب مسلم مشكل يوهم أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم والصواب أنه من قول العباس رضي الله عنه كما ذكرنا هذا كلام القاضي وقوله يوهم أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ليس هو بظاهر فيه بل ظاهره أنه من كلام ابن عباس وحينئذ يجوز أن تكون القضية جرت للعباس ولابنه وأما الضرب في الوجه فمنهى عنه في كل الحيوان المحترم من الآدمي والحمير والخيل والإبل والبغال والغنم وغيرها لكنه في الآدمي أشد لأنه مجمع المحاسن مع أنه لطيف لأنه يظهر فيه أثر الضرب وربما شانه وربما آذى بعض الحواس وأما الوسم في الوجه فمنهى عنه بالاجماع للحديث ولما ذكرناه فأما الآدمي موسمه حرام لكرامته ولأنه لا حاجة إليه فلا يجوز تعذيبه وأما غير الآدمي فقال جماعة من أصحابنا يكره وقال البغوي من أصحابنا لا يجوز فأشار إلى تحريمه وهو الأظهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله واللعن يقتضى التحريم وأما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز بلا خلاف عندنا لكن يستحب في نعم الزكاة والجزية ولا يستحب في غيرها ولا ينهى عنه قال أهل اللغة الوسم أثركية يقال بعير موسوم وقد وسمه يسمه وسما وسمة والميسم الشئ الذي يوسم به وهو بكسر الميم وفتح السين وجمعه مياسم ومواسم وأصله كله من السمة وهي العلامة ومنه موسم الحج أي معلم جمع الناس وفلان موسوم بالخير وعليه سمة الخير أي علامته وتوسمت فيه كذا أي رأيت فيه علامته والله أعلم
(٩٧)