باب اجتناب المجذوم ونحوه قوله (كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم إنا قد بايعناك فارجع) هذا موافق للحديث الآخر في صحيح البخاري وفر من المجذوم فرارك من الأسد وقد سبق شرح هذا الحديث في باب لا عدوى وأنه غير مخالف لحديث لا يورد ممرض علي مصح قال القاضي قد اختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المجذوم فثبت عنه الحديثان المذكوران وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل مع المجذوم وقال له كل ثقة بالله وتوكلا عليه وعن عائشة قالت مولى مجذوم فكان يأكل في صحافي ويشرب في أقداحي وينام على فراشي قال وقد ذهب عمر رضي الله عنه وغيره من السلف إلي الأكل معه ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ والصحيح الذي قاله الأكثرون ويتعين المصير إليه أنه لانسخ بل يجب الجمع بين الحديثين وحمل الأمر باجتنابه والفرار منه على الاستحباب والاحتياط لا للوجوب وأما الأكل معه ففعله لبيان الجواز والله أعلم قال القاضي قال بعض العلماء في هذا الحديث وما في معناه دليل على أنه يثبت للمرأة الخيار في فسح النكاح إذا وجدت زوجها مجذوما أو حدث به جذام واختلف أصحابنا وأصحاب مالك في أن أمته هل لها منع نفسها من استمتاعه إذا أرادها قال القاضي قالوا ويمنع من المسجد والاختلاط بالناس قال وكذلك اختلفوا في أنهم إذا كثروا هل يؤمرون أيتخذوا لأنفسهم موضعا منفردا خارجا عن الناس ولا يمنعوا من التصرف في منافعهم وعليه أكثر الناس أم لا يلزمهم التنحي قال ولم يختلفوا في القليل منهم في أنهم لا يمنعون قال ولا يمنعون من صلاة الجمعة مع الناس ويمنعون من غيرها قال ولو استضر أهل قرية فيهم جذمي بمخالطتهم في الماء فان قدروا على استنباط ماء بلا ضرر أمروا به والا استنبطه لهم الآخرون أو أقاموا من يستقى لهم والا فلا يمنعون والله أعلم
(٢٢٨)