في المتعدى إلى ربوة تعالى يجدك يتيما فآوى القاضي وحكى بعض أهل اللغة فيهما جميعا لغتين القصر والمد فيقال أويت إلى الرجل بالقصر والمد وآويته بالمد والقصر والمشهور الفرق كما سبق قال العلماء معنى أوى إلى الله أي لجأ إليه قال القاضي وعندي أن معناه هنا دخل مجلس ذكر الله تعالى أو دخل مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجمع أوليائه وانضم إليه ومعنى آواه الله أي قبله وقربه وقيل معناه رحمه أو آواه إلى جنته أي كتبها له قوله صلى الله عليه وسلم (وأما الآخر فاستحى فاستحى الله منه) أي ترك المزاحمة والتخطي حياء من الله تعالى ومن النبي صلى الله عليه وسلم والحاضرين أو استحياء منهم أن يعرض ذاهبا كما فعل الثالث فاستحى الله منه أي رحمه ولم يعذبه بل غفر ذنوبه وقيل جازاه بالثواب قالوا ولم يلحقه بدرجة صاحبه الأول في الفضيلة الذي آواه وبسط له اللطف وقربه وأما الثالث فأعرض الله عنه أي لم يرحمه وقيل سخط عليه وهذا محمول على أنه ذهب معرضا لا لعذر وضرورة قوله صلى الله عليه وسلم في الثاني وأما الاخر فاستحى هذا دليل اللغة الفصيحة الصحيحة أنه يجوز في الجماعة أن يقال في غير الأخير منهم الآخر فيقال حضرني ثلاثة أما أحدهم فقرشي وأما الآخر فأنصاري وأما الآخر فتيمي وقد زعم بعضهم أنه لا يستعمل الآخر الا في الآخر خاصة وهذا الحديث صريح في الرد عليه والله أعلم
(١٥٩)