أئمة الحديث يذكرون الأحاديث التي يرونها منسوخة ثم يعقبونها بالناسخ وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم توضؤا مما مست النار فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار ممن ذهب إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر ابن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبو الدرداء وابن عباس وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وجابر بن سمرة وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو هريرة وأبي ابن كعب وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وعائشة رضي الله عنهم أجمعين وهؤلاء كلهم صحابة وذهب إليه جماهير التابعين وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبي ثور وأبي خيثمة رحمهم الله وذهب طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي وضوء الصلاة بأكل ما مسته النار وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والزهري وأبي قلابة وأبي مجلز واحتج هؤلاء بحديث توضؤا مما مسته النار واحتج الجمهور بالأحاديث الواردة بترك الوضوء مما مسته النار وقد ذكر مسلم هنا منها جملة وباقيها في كتب أئمة الحديث المشهورة وأجابوا عن حديث الوضوء مما مست النار بجوابين أحدهما أنه منسوخ بحديث جابر رضي الله عنه قال آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار وهو حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة والجواب الثاني أن المراد بالضوء غسل الفم والكفين ثم أن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء بأكل ما مسته
(٤٣)