ومنه قوله تعالى ألم نجعل الأرض كفاتا أي نجمع الناس في حياتهم وهو بمعنى الكف في الرواية الأخرى كلاهما بمعنى وقوله في الرواية الأخرى ورأسه معقوص اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء وهو كراهة تنزيه فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته واحتج في ذلك أبو جعفر محمد بن جرير الطبري إجماع العلماء وحكى ابن المنذر الإعادة فيه عن الحسن البصري ثم مذهب الجمهور أن النهي مطلقا لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أم كان قبلها كذلك لا لها بل لمعنى آخر وقال الداودي يختص النهي بمن فعل ذلك للصلاة والمختار الصحيح هو الأول وهو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم ويدل عليه فعل ابن عباس المذكور هنا قال العلماء والحكمة في النهي عنه أن الشعر يسجد معه ولهذا مثله بالذي يصلي وهو مكتوف قوله (عن ابن عباس أنه رأى ابن الحارث يصلي ورأسه معقوص فقام فجعل يحله) فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن ذلك لا يؤخر إذا لم يؤخره ابن عباس رضي الله عنهما حتى يفرغ من الصلاة وأن المكروه ينكر كما ينكر المحرم وأن من رأى منكرا وأمكنه تغييره بيده غيره بها لحديث أبي سعيد الخدري وأن خبر الواحد مقبول والله أعلم باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض ورفع المرفقين عن الجنبين ورفع البطن عن الفخذين في السجود مقصود أحاديث الباب أنه ينبغي للساجد أن يضع كفيه على الأرض ويرفع مرفقيه عن الأرض وعن جنبيه رفعا بليغا بحيث يظهر باطن إبطيه إذا لم يكن مستورا أو هذا أدب متفق على استحبابه فلو تركه كان مسيئا مرتكبا والنهي للتنزيه وصلاته صحيحة والله أعلم قال العلماء والحكمة في هذا أنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض وأبعد من هيئات الكسالى فإن المتبسط كشبه الكلب ويشعر حاله بالتهاون بالصلاة وقلة الاعتناء بها والاقبال عليها والله أعلم
(٢٠٩)