أرأي تراه فقال ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دباغه طهوره) اختلف العلماء في دباغ جلود الميتة وطهارتها بالدباغ على سبعة مذاهب أحدها مذهب الشافعي أنه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة الا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما وغيره ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه ويجوز استعماله في الأشياء المائعة واليابسة ولا فرق بين مأكول اللحم وغيره وروى هذا المذهب عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما والمذهب الثاني لا يطهر شئ من الجلود بالدباغ وروى هذا عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعائشة رضي الله عنهم وهو أشهر الروايتين عن أحمد واحدى الروايتين عن مالك والمذهب الثالث يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم ولا يطهر غيره وهو مذهب الأوزاعي وابن المبارك وأبى ثور وإسحاق بن راهويه والمذهب الرابع يطهر جلود جميع الميتات الا الخنزير وهو مذهب أبي حنيفة والمذهب الخامس يطهر الجميع الا أنه يطهر ظاهره دون باطنه ويستعمل في اليابسات دون المائعات ويصلى عليه لا فيه وهذا مذهب مالك المشهور في حكاية أصحابه عنه والمذهب السادس يطهر الجميع والكلب والخنزير ظاهرا وباطنا وهو مذهب داود وأهل الظاهر وحكى عن أبي يوسف والمذهب السابع أنه ينتفع بجلود الميتة وان لم تدبغ ويجوز استعمالها في المائعات واليابسات وهو مذهب الزهري وهو وجه شاذ لبعض أصحابنا لا تفريغ عليه ولا التفاف إليه واحتجت كل طائفة من أصحاب هذه المذاهب بأحاديث وغيرها وأجاب بعضهم عن دليل بعض وقد أوضحت دلائلهم في أوراق من شرح المهذب والغرض هنا بيان الاحكام والاستنباط من الحديث وفي حديث ابن وعلة عن ابن عباس دلالة لمذهب الأكثرين أنه يطهر ظاهره وباطنه فيجوز استعماله في المائعات فإن جلود ما ذكاه المجوس نجسة وقد نص على طهارتها بالدباغ واستعمالها في الماء والودك وقد يحتج الزهري بقوله صلى الله عليه وسلم ألا انتفعتم باهابها ولم يذكر دباغها ويجاب عنه بأنه مطلق وجاءت الروايات الباقية ببيان الدباغ وإن دباغه طهوره والله أعلم واختلف أهل اللغة في الاهاب فقيل هو الجلد مطلقا وقيل هو الجلد قبل الدباغ فأما بعده فلا يسمى أهابا وجمعه أهب بفتح الهمزة والهاء وبضمهما لغتان ويقال طهر الشئ وطهر بفتح الهاء وضمها لغتان والفتح أفصح والله أعلم
(٥٤)