أو تقليلا لها فإن كان دمها قليلا يندفع بذلك وحده فلا شئ عليها غيره وان لم يندفع شدت مع ذلك على فرجها وتلجمت وهو أن تشد على وسطها خرقة أو حيطا أو نحوه على صورة التكة وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الطرفين فتدخلها بين فخذيها وأليتيها وتشد الطرفين بالخرقة التي في وسطها أحدهما قدامها عند صرتها والاخر خلفها وتحكم ذلك الشد وتلصق هذه الخرقة المشدودة بين الفخذين بالقطنة التي على الفرج الصاقا جيدا وهذا الفعل يسمى تلجما واستثفارا وتعصيبا قال أصحابنا وهذا الشد والتلجم واجب الا في موضعين أحدهما أن يتأذى بالشد ويحرقها اجتماع الدم فلا يلزمها لما فيه من الضرر والثاني أن تكون صائمه فتترك الحشو في النهار وتقتصر على الشد قال أصحابنا ويجب تقديم الشد والتلجم على الوضوء وتتوضأ عقيب الشد من غير امهال فان شدت وتلجمت وأخرت الوضوء وتطاول الزمان ففي صحة وضوئها وجهان الأصح أنه لا يصح وإذا استوثقت بالشد على الصفة التي ذكرناها ثم خرج منها دم من غير تفريط لم تبطل طهارتها ولا صلاتها ولها أن تصلي بعد فرضها ما شاءت من النوافل لعدم تفريطها ولتعذر الاحتراز عن ذلك أما إذا خرج الدم لتقصيرها في الشد أو زالت العصابة عن موضعها لضعف الشد فزاد خروج الدم بسببه فإنه يبطل طهرها فإن كان ذلك في أثناء صلاة بطلت وإن كان بعد فريضة لم تستبح النافلة لتقصيرها وأما تجديد غسل الفرج وحشوه وشده لكل فريضة فينظر فيه ان زالت العصابة عن موضعها زوالا له تأثير أو ظهر الدم على جوانب العصابة وجب التجديد وان لم تزل العصابة عن موضعها ولا ظهر الدم ففيه وجهان لأصحابنا أصحهما وجوب التجديد كما بجب تجديد الوضوء ثم أعلم أن مذهبنا أن المستحاضة لا تصلي بطهارة واحدة أكثر من فريضة واحدة مؤداة كانت أو مقضية وتستبيح معها ما شاءت من النوافل قبل الفريضة وبعدها ولنا وجه أنها لا تستبيح أصلا لعدم ضرورتها إليها النافلة والصواب الأول وحكى مثل مذهبنا عن عروة ابن الزبير وسفيان الثوري وأحمد وأبي ثور وقال أبو حنيفة طهارتها مقدره بالوقت فتصلي في الوقت بطهارتها الواحدة ما شاءت من الفرائض الفائتة وقال ربيعة ومالك وداود دم الاستحاضة لا ينقض الوضوء فإذا تطهرت فلها أن تصلي بطهارتها ما شاءت من الفرائض إلى أن تحدث بغير الاستحاضة والله أعلم قال أصحابنا ولا يصح وضوء المستحاضة لفريضة قبل دخول وقتها وقال أبو حنيفة يجوز ودليلنا أنها طهارة ضرورة فلا تجوز قبل وقت الحاجة
(١٨)