والقرآن لا يقر لهم بذاك (15) مع أن فطرة جميع العقلاء تشهد بأن الحق لا يجتمع مع طرفي النقيضين، والصدق لا يتحقق مع المتضادين، وارشادا إلى حكم الفطرة قال أمير المؤمنين (ع): ما اختلفت دعوتان الا كانت إحداهما ضلالة. المختار (183) من قصار النهج.
مع ما اتفقت عليه الأمة الاسلامية، واطباقهم على بكرة أبيهم، وعلى أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: ستفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة، كلها في النار الا واحدة.
فلو كان القرآن المقدس بنفسه كافيا لصلاح الخلق ورشادهم، لم يتصور أن يكون المنتمي إلى القرآن في النار، ولو كان الكتاب العزيز بوحده وافيا لهداية ملأ العقلاء، لكان جميع الأمم معتنقين بدين الاسلام خاضعين لأحكام القرآن، ولا صبح الملل ملة مسلمة، فما بال المسلمين أقل الملل وأذلهم ولو كان الكتاب السماوي بانفراده كفيلا لسعادة الارتقاء إلى أوج الكمالات الدنيوية والأخروية، لكان بعث الرسول لغوا، ولا كتفي الله جل شأنه بانزال الكتاب فقط، فما باله بعث أربعة وعشرين ومأة ألف نبي ولما أنزل الله الا مأة وأربعة عشر كتابا، بل الواجب المغني هو انزال كتاب واحد، فلماذا انزل الكتب كالرسول تترى.