من المختار الحادي عشر، من هذا الباب، ص 222 من الجزء الأول ما ينفع هنا.
وقدر القرآن وعلو مقامه بين المتدينين والمذعنين بالشريعة الربانية، والملة الحنفية، غير خفي بل يعد من ضروريات الدين، كمودة ذوي القربى من أهل بيت رسول الله (ص).
ولكن الذي يجب ان يتنبه له الفطن العارف، والمؤمن المصفى عن الوساوس الشيطانية، والشهوات النفسانية، أن القرآن الكريم، مهما بلغ من القداسة والفخامة، والكبرياء والجلالة، لا يعدو عن كونه دستورا قانونيا يتكفل سعادة المكلفين على تقدير عملهم على وفقه، وتطبيق ما يصدر عنهم على نهجه، وهذا المعنى بنفسه غير كاف لضمان سعادة المجتمع، وكفالة ايصالهم إلى ما تستدعيه نفوس الجميع، من بلوغ غاية أمنياتهم في الدنيا والآخرة، وارتقائهم إلى نهاية الكمال، ولبسهم سر بال العظمة والجمال، وارتدائهم برداء المجد والجلال.
والذي يشهد لما ادعينا جليا، ويكشف عن قولنا كشفا قطعيا لا يخالجه شئ من الشكوك والشبهات، هو التوجه والالتفات إلى ما عليه الأمة الاسلامية، من الاختلاف الشديد، والمقت الأكيد، وتكفير بعضهم بعضا، وإباحة بعضهم حرم الآخرين، ومعاملتهم إياهم كالمعاملة مع الملحدين، مع أنهم جميعا يقولون: ان الله الواحد القهار، خالق الكون الهنا، ومحمد نبينا والكعبة قبلتنا، والقرآن كتابنا الذي يجب علينا اتباعه، وتطبيق عملنا عليه، ونحن خاضعون لحكم القرآن، منقادون لما فيه من الأوامر والنواهي مقتبسون منه أنوار الحكم والمواهب، إلى غير ذلك مما يدعيه الجميع،