مع أن من البديهيات ان القوانين المقننة، تحتاج إلى مهيمن عالم عامل على طبقها، ليجريها علما وعملا، ويتحفظ عليها بعلمه الثاقب، وعمله الصائب عن شوب الانحراف، والسهو والخطاء والغفلة، والا لا تمكث لمح البصر، الا ورمته الشياطين بسهم التغيير والتبديل، وتصبح منحرفة عن مجراها، سائلة إلى أودية الهلاكة، وغدر البوار.
ولأجل ذلك كله - وغيره مما لا يحصى من الشواهد - جعل الشارع المقدس على كتابة مهيمنا وحافظا، وأناط النجاة من الهلكات بالتمسك بهما، والايواء إلى ظلهما، واكد هذا الامر مرة بعد أخرى، سفرا وحضرا، ليلا ونهارا، فقال في الحديث المتواتر عنه (ص) بين المسلمين: (اني تارك فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي) وفي ألفاظ عنه (ص) اني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي).
حتى أنه (ص) لغاية شفقته على الأمة، وكمال ولعه على هداية أبناء البشر، لم يغفل عن هذا الامر الخطير، ولم يقصر عن نصح البرية حتى في مرض الموت، فقال صلى الله عليه وآله وكرره وهو يعالج الموت: (ايتوني بدواة وقرطاس لا كتب لكم كتابا لن تضلوا من بعدي) فرماه بعض المنافقين بالهجر (16)، وساعدت هذا المنافق عدول من الصحابة فلغطوا، لما