وعزا لمن تولاه، وسلما لمن دخله، وهدى لمن ائتم به، وعذرا لمن انتحله، وبرهانا لمن تكلم به، وشاهدا لمن خاصم به، وفلجا لمن حاج به، وحاملا لمن حمله، ومطية لمن أعمله، وآية لمن توسم، وجنة لمن استلام، وعلما لمن وعى، وحديثا لمن روى، وحكما لمن قضى.
وروى ابن أبي الحديد في شرح المختار (177) من خطب نهج البلاغة، ج 10، ص 21، - وقريب منه أيضا في ترجمة الفرزدق من الأغاني: 19، 9 بل ما فيه أظهر - انه: وفد غالب بن صعصعة في البصرة على علي عليه السلام، ومعه ابنه الفرزدق، فقال له: من أنت؟ فقال: غالب بن صعصعة المجاشعي، قال: ذو الإبل الكثير؟ قال: نعم. قال: ما فعلت إبلك؟
قال: أذهبتها النوائب، وذعذعتها الحقوق. قال: ذاك خير سبلها (13).
ثم قال: يا أبا الأخطل، من هذا الغلام معك؟ قال: ابني وهو شاعر.
قال: علمه القرآن فهو خير له من الشعر. فكان ذلك في نفس الفرزدق، حتى قيد نفسه، وآلى أن لا يحل قيده حتى يحفظ القرآن، فما حله حتى حفظه، وذلك قوله -:
وما صب رجلي في حديد مجاشع * مع القد الا حاجة لي أريدها قال ابن أبي الحديد: قلت: تحت قوله عليه السلام (يا أبا الأخطل) - قبل أن يعلم أن ذلك الغلام ولده وانه شاعر - سر غامض، ويكاد يكون اخبارا عن غيب، فليلمح.
قال أبو جعفر المحمودي: ولا عجب لان يظهر الله تعالى من اجتباه للخلافة عن رسوله أن يعلمه ويخبره بالغيب، لأنه (عالم الغيب والشهادة فلا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضاه من رسول) (14) فالله تعالى ارتضى