محمدا صلى الله عليه وآله للرسالة، وأطلعه على الغيب، ومحمد صلى الله عليه وآله ارتضى ابن عمه وأبا سبطيه للخلافة والإمامة، فجعله باب علمه، فالاخبار بالغيب غيض من فيض، وقطرة من بحار علوم أمير المؤمنين (ع) التي اخذها من رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد ثبت بين الفريقين موارد كثيرة مما أخبر عليه السلام عن الغيب، ووقع الامر كما أخبر (ع).
وهذا جلي غير محتاج إلى التطويل، لا سيما بملاحظة ما جمعناه في (اليواقيت المنتشرة) من اخباراته (ع) بالغيب، وقدمنا أيضا في شرح المختار الخامس من هذا الباب، ص 133، وما بعدها من الجزء الأول ما يكسر به سورة انكار المرتابين فراجع.
الذي يهمنا لفت أنظار المؤمنين إليه، هو التنبيه على أنه لا شئ عند الشارع وحملة الشريعة، موازيا للقرآن بالغا ما بلغ، ولذا لم يلتفت الإمام عليه السلام إلى قول غالب بن صعصعة: (هو ابني شاعر) وأمره (ع) بأن يعلمه القرآن، إذ القرآن كفيل لسعادة الدنيا والآخرة، وضمين لرقي حملته في الدارين، فمن لا يعلم القرآن، ولم يسع في اقتباس الأنوار منه فهو من الأذلين.
فيا شباب العصر كفوا عن صنيعكم من تعلم اللغات، وألسنة الغواة، ولما علمتم من القرآن شيئا يسيرا، ويا أولياء الامر انتبهوا عن نومتكم قبل أن تقول نفس: يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله، فأمروا أولادكم قبل كل شئ بتعلم القرآن، والاخذ بهداه، وبعده لا بأس بتعلم ما هو معدود من الفضائل، أو ما يعمر به الدنيا، ويرفه به الحال ويفرغ به البال من الألسنة أو الصناعات التي منا أسباب المعيشة في الحياة الدنيا.
أقول ومثل قضية غالب بن صعصعة في الحث على القرآن وعدم الاعتناء بغيره ما رواه في كتاب صفين ص 142، ط 2 بمصر. وكذلك في كنز العمال: