(وعلى العاقل) ان يحصي على نفسه مساوئها في الدين وفي الرأي وفي الأدب، فيجمع ذلك كله في صدره أو في كتاب، ثم يكثر عرضها على نفسه ويكلفها اصلاحه، ويوظف ذلك عليها من اصلاح الخلة أو الخلتين أو الخلال في اليوم أو الجمعة أو الشهر، فكلما أصلح شيئا محاه، وكلما نظر إلى محو استبشر، وكلما نظر إلى ثابت اكتأب.
(وعلى العاقل) أن يتفقد محاسن الناس ويحصيها ويصنع في توظيفها على نفسه وتعهدها مثل الذي وصفنا في اصلاح المساوي.
(وعلى العاقل) ان لا يخادن ولا يصاحب ولا يجاور من الناس - ما استطاع - الا ذا فضل في الدين والعلم والأخلاق ليأخذ عنه، أو موافقا له على اصلاح ذلك فيأخذ [فيؤيد خ ل [ما عنده وان لم يكن له عليه فضل فان الخصال الصالحة في المرء لا تحيا ولا تنمى الا بالموافقين والمؤيدين، وليس لذي الفضل قريب ولا حميم هو أقرب إليه ممن وافقه على صالح الاعمال فزاده أوثبته، ولذلك قال بعض الأولين: (ان صحبة بليد نشأ مع العلماء أحب إلي من صحبة لبيب ذكي نشأ مع الجهال).
(وعلى العاقل) (ان لا يحزن على شئ من الدنيا تولى، وان ينزل ما أصاب من الدنيا ثم انقطع عنه بمنزلة ما لم يصب، ولا يدع حظه من السرور بما أقبل منها من غير أن يبلغ به ذلك سكرا أو طغيانا، فان مع السكر طغيان، ومع الطغيان التهاون، ومن نسي وتهاون فقد خسر خسرانا مبينا.
(وعلى العاقل) ان يؤنس ذوي الألباب بنفسه، ويجعلهم خزنة وحراسا على أفعاله، ثم على سمعه وبصره ورأيه، ويستنيم إلى ذلك ويستريح إليه قلبه ويعلم انهم لا يغفلون عنه إذا غفل هو عن نفسه.
(وعلى العاقل) (47) ان لا يشغله شغل عن أربع ساعات: ساعة يرفع