ونقل ابن مسكويه (ره) في الحكمة الخالدة ص 68 وما بعدها عن بعض حكماء الفرس كلاما وفيه: (وعلى العاقل محاسبة نفسه ومخاصمتها والقضاء عليها والإبانة لها ثم التنكيل بها.
(أما المحاسبة) فيحاسبها بماله، فإنه لا مال له الا أيامه المعدودة التي ما ذهب منها لم يستخلف النفقة، وما جعل منها في الباطل لم يرجع في الحق، فيتنبه لهذه المحاسبة عند الحول إذا حال، والشهر إذا انقضى، واليوم إذا ولى، فينظر فيما أفنى من ذلك وما كسب لنفسه وما اكتسب عليها في أمر الدين وأمر الدنيا، بحساب فيه احصاء وجد وتذكير وتبكيت النفس وتذليل لها حتى تعترف وتذعن.
(فأما الخصومة) فان من طباع النفس الامارة بالسوء أن تدعي فيما مضى العذر، وفيما بقي الأماني، فيرد عليها معاذيرها وعللها وشبهاتها.
(فأما القضاء) فإنه يحكم فيما أرادت من ذلك على السيئة أنها سيئة، والسيئة فاضحة مردية موبقة، وعلى الحسنة انها زائنة وانها مربحة منجية.
(وأما الإبانة والتفصيل)، فإنه يسر نفسه بتذكير تلك الحسنات ويرجو عواقبها، ويأمل فضلها، ويعاتب نفسه على الحقيقة إذا تذكر السيئات فاستبشعها واقشعر منها، فحزن على ما ارتكبه منها، وعلم أن أفضل ذوي الألباب أكثرهم محاسبة لنفسه، وأقلهم فترة فيها.
(واما التنكيل بها) فإنه يعاقبها إذا عصته في بعض الأوقات بالزامها ما يشق عليها من الصوم والطي والعبادات الثقيلة، والسعي الذي فيه طول ومشقة إلى المواضع التي يشرفها الناس.
(وعلى العاقل) أن يذكر الموت في كل يوم وليلة مرارا، يباشر القلب ويقدع [ويقزع خ] الطماح، فان في كثرة ذكر الموت عصمة من الأشر، وأمانا من الهلع.