قال أبو جعفر: حاصل هذا الفصل هو الامر بالعزلة وخمول الذكر، والمنع عن اشتهار الصيت وكونه معروفا بالعظمة، ومشارا إليه بالبنان، وأنه إذا من الله عليه بمعرفته فلا ينبغي أن يستوحش من عدم معرفة الناس بحاله وعدم معرفته الناس وأن كان هذا دأبه يسر الأبرار ويغيض الفجار، أقول: وهذا المعنى هو المستفاد من الأخبار الكثيرة الواردة عن النبي وأهل بيته عليهم السلام المشهورة بين المسلمين، فعن النبي صلى الله عليه وآله: استأنسوا بالوحدة عن الجلساء السوء. وقال: خيركم الأتقياء الأصفياء الذين إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفتقدوا. وقال: لا تدعوا حظكم من العزلة فان العزلة لكم عبادة (2).
وسأله عبد الله بن عامر الجهني عن طريق النجاة فقال: (ليسعك بيتك، أمسك عليك دينك، وابك على خطيئتك). وقيل له صلى الله عليه وآله:
أي الناس أفضل. فقال: (رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره). وقال: (ان الله يحب التقي النقي الخفي) (3).
وروى الشيخ الصدوق (ره) معنعنا في اكمال الدين عن النبي (ص) أنه قال: ثلاث منجيات: تكف لسانك وتبكي على خطيئتك وتلزم بيتك (4).
وعن دعوات الراوندي (ره) قال قال الإمام الباقر (ع) وجد رجل صحيفة فاتى بها رسول الله (ص) فنادى الصلاة جامعة، فما تخلف أحد