أقول: حاصل هذا الفصل توصية المسلمين بعدم خيانة أولياء الأمور، وعدم غش من نصبه الله لهدايتهم، وعدم الحكم والاعتقاد بجهالة من عنده علم الكتاب وفصل الخطاب، وأن لا يتفرقوا من حبل الاجتماع، ولا يتخلفوا عن التمسك بالعروة الوثقى التي لا انقصام لها، والا يعروهم الفشل، ويعرض عليهم العلل، فيذهب ما من الله عليهم من حسن الذكر، والوجاهة عند الأمم، والصيت الحسن، والسمعة الطيبة، والعزة والمنعة وانه ينبغي أن يكون تأسيس أمورهم على هذا الأساس المتين، والأصل الوثيق، وأن يلزموا هذه الطريقة، ويداوموا على هذه الروية، ويتأدبوا بهذه السجية، فان من خالف هذه الدعوة من المتقدمين قد صار من النادمين وهم قائلون: رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت، وعن قريب تكونون أمثالهم، وتتمنون الرجوع إلى الدنيا، وامتثال نصائح الهداة، وأوامر الولاة، ولو كشف عنكم الغطاء ورأيتم ما لاقى من خالف ما تدعون إليه لبادرتم وسارعتم إلى ما قد أمرتكم به، ولخرجتم خفافا وعملتم بطيب نفوسكم، ولكن لم تعلموا الآن ما حل بمن مات من المخالفين وإذا حل بكم ما نزل بهم لأصبحتم من النادمين، ولكن ولات حين مناص.
ومعنى المتن جلي، وما تضمنه علي بالنسبة إلى الأدلة، فلنبحث عن حال رواته، أما ترجمة محمد بن يحيى العطار الأشعري فقد تقدمت في شرح المختار الأول من هذا الباب ص 16، من الجزء الأول، فلنذكر ترجمة ابن مسلم وصدقة.