ستره (2) يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه تبعا كما قيل: (وافق شن طبقه) (3)
(2) قال ابن أبي الحديد: ان (معاوية) كان كثير الهزل والخلاعة، وصاحب جلساء وسمار، ولم يتوقر ولم يلزم قانون الرياسة الا منذ خرج على أمير المؤمنين (ع) واحتاج إلى الناموس والسكينة، والا فقد كان في أيام عثمان شديد التهتك موسوما بكل قبيح، وكان في أيام عمر يستر نفسه قليلا خوفا منه، الا انه كان يلبس الحرير والديباج، ويشرب في آنية الذهب والفضة، ويركب البغلات ذوات السروج المحلاة بها وعليها جلال الديباج والوشي، ونقل الناس عنه في كتب السيرة انه كان يشرب الخمر في أيام عثمان - إلى آخر كلامه - فراجعه فإنه مفيد جدا.
(3) فاعل (يشين) اما الضمير العائد إلى (امرئ فاسق) أو الفاعل هو قوله: (بمجلسه) أي انك تركت مروءتك لفاسق من صفته ان مجلسه والقعود معه بنفسه من أسباب شين الكريم، والمراودة به والاختلاط معه من وسائل تسفيه الحليم. والتسفيه: جعل الشخص سفيها أي خفيف العقل مضطرب الرأي. وقوله: (وافق شن) الخ من الأمثلة السائر المعروفة، والمحكى عن الأصمعي أن الشن اسم لوعاء من أدم كان تشن - أي تقبض - فجعل له غطاء فوافقه. وعلى هذا فالهاء في (طبقه) ضمير عائد إلى (الشن) وليست جزأ للكلمة، وقيل: إن الشن اسم لرجل من دهاة العرب صادف في سفره امرأة مثله ذكاوة وفطانة اسمها طبقة، فتزوجها وحملها إلى عشيرته وأهله فلما علموا بما حوته من الفراسة والكياسة، قالوا: (وافق شن طبقة) وعليه فالهاء جزء للكلمة، وقيل فيه غير ذلك. ومما يناسب الكلام جدا ما أنشده مسكين الدارمي من أولياء معاوية وعمرو وعمر بن سعد، من قوله:
وإذا الفاحش لاقى فاحشا * فهناكم وافق الشن الطبق إنما الفاحش ومن يعنى به (ظ) كغراب الشر ما شاء يعق أو حمار الشر ان اشبعته * رمح الناس وان جاع نهق أو غلام السوء ان جوعته * سرق الجار وان يشبع فسق