نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٤
من أهل البصائر فإنهم فارقوك بعد معرفتك، وهربوا إلى الله من موازرتك، إذ حملتهم على الصعب، وعدلت بهم عن القصد (6).
فاتق الله يا معاوية في نفسك، وجاذب الشيطان قيادك (7)، فإن الدنيا منقطعة عنك، والآخرة قريبة منك، والسلام.
قال أبو الحسن علي بن محمد المدائني: فكتب إليه معاوية:
من معاوية بن أبي سفيان، إلى علي بن أبي طالب.
أما بعد فقد وقفت على كتابك، وقد أبيت على الفتن إلا تماديا، واني لعالم أن الذي يدعوك إلى ذلك مصرعك الذي لابد لك منه، وان كنت موائلا (7) فأزدد غيا إلى غيك، فطالما خف عقلك، ومنيت نفسك ما ليس لك، والتويت على من هو خير منك، ثم كانت العاقبة لغيرك (8) واحتملت الوزر بما أحاط بك من خطيئتك، والسلام.

(6) الا من فاء الخ: الا من رجع إلى الحق من أهل البصيرة والعلم.
والموازرة: المعاضدة. والقصد: استقامة الطريق وكون السالك على رشد.
(7) القياد: ما تقاد به الدابة أي إذا قادك الشيطان إليه بقياد الهوى فجاذب قيادك منه، وامنع نفسك من انقيادها له.
(8) لعله بمعنى: ناجيا. من قولهم: (وال يئل وإلا ووئيلا ووؤلا - كوعد يعد وعدا ووعيدا ووعودا - وواءل وئالا ومواءلة) من كذا: طلب النجاة منه.
(9) يقال: (التوى عليه الامسر التواء): أعوج. اعتاص. والكلام إشارة إلى قضية سقيفة بني ساعدة ونجاح الشيخين في أملهما وتغلبهما على منصب أمير المؤمنين عليه السلام وندلهما حقه وحرمانه منه.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست