ولا قوة إلا بالله، واما حق خصمك الذي تدعي عليه فإن كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقه وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عز وجل وتبت إليه وتركت الدعوى، وأما حق المستشير فإن علمت ان له رأيا حسنا أشرت عليه وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه وان وافقك حمدت الله عز وجل، وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به، وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك فإن أتى بالصواب حمدت الله عز وجل وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه وعلمت انه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشيء من أمره على حال ولا قوة إلا بالله، وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك وترك مقابلته عند الخصام ولا تسبقه إلى الطريق ولا تتقدمه ولا تستعجله وان
جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الإسلام وحرمته، وحق الصغير رحمته في تعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له، وحق السائل اعطاؤه على قدر حاجته وحق المسؤول إن اعطي فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله وإن
منع فاقبل عذره، وحق من سرك لله تعالى أن تحمد الله تعالى أولا ثم تشكره وحق من أساءك أن تعفو عنه وان علمت ان العفو يضر انتصرت قال الله تبارك وتعالى:
﴿ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل﴾ (1)، وحق أهل ملتك إضمار السلامة والرحمة لهم والرفق بمسيئهم وتالفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم وكف الأذى عنهم وتحب لهم ما تحب لنفسك
وتكره لهم ما
تكره لنفسك وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك وشبانهم بمنزلة إخوتك وعجائزهم بمنزلة امك والصغار بمنزلة أولادك، وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده (2).