وتعلم انها تدفع عنك البلايا والإسقام في الدنيا وتدفع عنك النار في الآخرة، وحق الهدى أن تريد به الله عز وجل ولا تريد به خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه، وحق السلطان أن تعلم انك جعلت له فتنة وإنه مبتلى فيك بما جعله الله عز وجل له عليك من السلطان وان عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقى بيدك إلى التهلكة وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء، وحق سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه وأن لاترفع عليه صوتك ولا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب ولا تحدث في مجلسه أحدا ولا تغتاب عنده أحدا وان تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله عز وجل بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل وعز اسمه لا للناس واما حق سائسك بالملك فان تعطيه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، واما حق رعيتك بالسلطان فان تعلم انهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم وتغفر لهم جهلهم ولا تعاجلهم بالعقوبة وتشكر الله عز وجل على ما آتاك من القوة عليهم، واما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عز وجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله وان أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عز وجل أن يسلبك العلم وبهاءه ويسقط من القلوب محلك، وأما حق الزوجة فأن تعلم ان الله عز وجل جعلها لك سكنا وأنسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عز وجل عليك فتكرمها وترفق بها وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها وإذا جهلت عفوت عنها، واما حق مملوكك فأن تعلم انه خلق ربك وابن أبيك وأمك ولحمك ودمك لم تملكه لأنك صنعته دون الله ولا خلقت شيئا من جوارحه ولا أخرجت له رزقا ولكن الله عز وجل كفاك ذلك
(١٩٥)