مهدي الجوهري الجيلاني فكبرت وهللت وأكثرت من حمد الله عز وجل والثناء عليه، فلما صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة فمر بي الخادم إليها فأجلسني عليها وقال لي: مولاك يأمرك أن تأكل ما اشتهيت في علتك، وأنت خارج من فيد، فقلت في نفسي حسبي بهذا برهانا فكيف آكل ولم أر سيدي ومولاي فصاح بي: يا عيسى كل من طعامك فإنك تراني فجلست على المائدة فإذا عليها سمك حار يفور وتمر إلى جانبه أشبه التمور بتمورنا بجنبلا وبجانب التمر اللبن وقلت في نفسي أنا عليل والغداء سمك ولبن وتمر فصاح بي يا عيسى أتشك في أمرنا فأنت أعلم بما يضرك وينفعك فبكيت واستغفرت الله وأكلت من الجميع وكان إذا رفعت يدي منه لم يتبين موضعها ووجدته أطيب ما ذقته في الدنيا فأكلت منه كثير حتى استحييت فصاح بي لا تستحي يا عيسى فإنه طعام الجنة لم تصنعه يد مخلوق فأكلت فرأيت نفسي لا تنتهي من أكله فقلت يا مولاي حسبي فصاح بي أقبل إلي فقلت في نفسي ألقى مولاي ولم أغسل يدي فصاح بي يا عيسى وهل لما أكلت غمرة فشممت يدي وإذا هي أعطر من المسك والكافور فدنوت منه عليه السلام فبدا لي شخص أغشى نظري من نوره ورهبت حتى ظننت أن عقلي قد اختلط فقال يا عيسى ما كان لكم أن تروني ولولا المكذبون القائلون أين هو ومتى كان وأين ولد ومن رآه وما الذي خرج إليكم منه وبأي شئ نبأكم، وأي معجز آتيكم، أما والله لقد دفعوا أمير المؤمنين مع ما رأوه، وقدموا عليه وكادوه وقتلوه وكذلك فعلوا بآبائي عليهم السلام ولم يصدقوهم ونسبوهم إلى السحر والكهانة وخدمة الجن إلى أن قال يا عيسى فخبر أولياءنا بما رأيت وإياك أن تخبر أعداءنا فتسلبه، فقلت يا مولاي ادع لي بالثبات فقال لي: لو لم يثبتك الله ما رأيتني، فامض لحجك راشدا فخرجت، وأنا من أكثر الناس حمدا لله وشكرا ".] * *: إثبات الهداة: ج 3 ص 700 ب 33 ف 8 ح 138 - عن الهداية مختصرا.
*: البحار: ج 52 ص 68 ب 18 ح 54 - كما في الهداية عن بعض الكتب عن الحسين بن حمدان: -