الغد دنا بعضهم من بعض فاقتتلوا حتى أمسوا، والأشعث بن قيس في خلال ذلك لا يعلم شيئا من ذلك وطال عليهم الحصار واشتد بهم الجوع والعطش فأرسل إلى زياد أن يعطيه الأمان ولأهل بيته ولعشرة من وجوه أصحابه فأجابه زياد إلى ذلك، وكتب بينهم فظن أهل الحصن أن الأشعث قد أخذ لهم الأمان بأجمعهم، فسكتوا ولم يقولوا شيئا وكتب زياد إلى عكرمة يخبره، فقال عكرمة للذين يقاتلونه: على ماذا تقاتلون؟
قالوا: نقاتلكم على صاحبنا الأشعث بن قيس.
فقال: فإن صاحبكم قد طلب الأمان، ورمى الكتاب إليهم، فلما قرأوه.
قالوا: يا هذا! انصرف لا حاجة لنا في قتالك بعد هذا.
ثم انصرفوا عن محاربة عكرمة وهم يسبون الأشعث ويلعنونه!
وقال عكرمة لأصحابه: أسرعوا السير إلى إخوانكم فإن الأشعث قد طلب الأمان، ولعله إن غنم زياد وأصحابه ما في الحصن لا يشركونكم في شئ من ذلك لأنهم قد سبقوكم إلى فتح الحصن، فلما قدموا إليه والأشعث بعد لم ينزل من الحصن وهو يستوثق لنفسه ولمن معه، فقال له زياد:
ما صنعت مع قبائل كندة؟
فقال له: صنعت والله: إني لقيت قوما لهم أقدار وأخطار، وصبر على الموت، فلم أزل أحاربهم حتى علمت أن انتصافهم مني أكثر من انتصافي منهم، وأتاني كتابك يخبر أن الأشعث يطلب