أنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له، فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم، وأن أمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلت له بشهادة أهل مصركم عليكم، غير أنه قد عفا عن ذلك فابرأوا من هذا الرجل نخل سبيلكم!
قالوا: اللهم إنا لسنا فاعلي ذلك!
فأمر بقبورهم فحفرت، وأدنيت أكفانهم، وقاموا الليل كله يصلون.
فلما أصبحوا، قال أصحاب معاوية:
يا هؤلاء! لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة، وأحسنتم الدعاء، فاخبرونا ما قولكم في عثمان؟!
قالوا: هو أول من جار في الحكم، وعمل بغير الحق!
فقال أصحاب معاوية: أمير المؤمنين كان أعلم بكم! ثم قاموا إليهم فقالوا: تبرأون من هذا الرجل؟!
قالوا: بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه.
فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله، ووقع قبيصة في يدي أبي شريف البدي.
فقال له قبيصة: إن الشر بين قومي وقومك آمن، فليقتلني سواك!
فقال له: برتك رحم! فأخذ الحضرمي فقتله، وقتل القضاعي قبيصة ثم إن حجرا قال لهم: دعوني أتوضأ.
قالوا له: توضأ: فلما أن توضأ، قال لهم:
دعوني أصل ركعتين. فأيمن الله ما توضأت قط إلا صليت ركعتين.
قالوا: ليصل، فصلى ثم انصرف.