كله، وإن نقص لم يلحقك ثلمه، وما أنت والفاضل والمفضول؟ والسائس والمسوس؟ وما للطلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأولين، وترتيب درجاتهم، وتعريف طبقاتهم؟ هيهات لقد حن قدح ليس منها، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها، ألا تربع أيها الانسان! على ظلعك؟ وتعرف قصور ذرعك، وتتأخر حيث أخرك القدر؟
فما عليك غلبة المغلوب، ولا لك ظفر الظافر.
ومنه قوله عليه السلام:
وذكرت إنه ليس لي ولا صحابي عندك إلا السيف، فلقد أضحكت بعد استعبار، متى ألفيت بني عبد المطلب عن الأعداء ناكلين، وبالسيوف مخوفين؟!؟! فلبث قليلا يلحق الهيجا حمل (1) فسيطلبك من تطلب، ويقرب منك ما تستبعد، وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، شديد زحامهم، ساطع قتامهم متسربلين سرابيل الموت، أحب اللقاء إليهم لقاء ربهم، وقد صحبتهم ذرية بدرية، وسيوف هاشمية، قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدك وأهلك، وما هي من الظالمين ببعيد.
ولما نزل علي عليه السلام الرقة قالت له طائفة من أصحابه: يا أمير المؤمنين! اكتب إلى معاوية ومن قبله من قومك، فإن الحجة لا تزداد عليهم بذلك إلا عظما. فكتب إليهم:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية ومن قبله من قريش:
سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإن لله عبادا آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين، وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم، وأنتم في ذلك الزمان أعداء للرسول تكذبون بالكتاب، مجمعون على حرب المسلمين، من ثقفتم منهم حبستموه أو عذبتموه أو قتلتموه، حتى أراد الله تعالى إعزاز دينه، وإظهار أمره، فدخلت العرب في الدين أفواجا، وأسلمت له هذه الأمة طوعا وكرها، فكنتم فيمن دخل في هذا الدين إما رغبة أو رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم، وفاز المهاجرون الأولون بفضلهم، ولا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم في