فإن كان ذلك منافسة لبني أمية في السلطان، فقد وليها عدي وتيم (2) فلم تنافسوهم وأظهرتم لهم الطاعة.
وقد وقع من الأمر ما قد ترى، وأدالت هذه الحرب بعضنا على بعض حتى استوينا فيها، فما يطعمكم فينا يطعمنا فيكم، وما يؤيسنا منكم يؤيسكم منا، ولقد رجونا غير الذي كان، وخشينا دون ما وقع، ولستم ملاقينا اليوم بأحد من حدكم أمس، ولا غدا بأحد من حدكم اليوم، وقد قنعنا بما في أيدينا من ملك الشام، فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق، وأبقوا على قريش، فإنما بقي من رجالها ستة: رجلان بالشام، ورجلان بالعراق. ورجلان بالحجاز، فأما اللذان بالشام فأنا وعمرو. وأما اللذان بالعراق فأنت وعلي. وأما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر (3) فإثنان من الستة ناصبان لك، واثنان واقفان فيك، وأنت رأس هذا الجمع، ولو بايع لك الناس بعد عثمان كنا إليك أسرع منا إلى علي.
فكتب ابن عباس إليه:
أما بعد: فقد جاءني كتابك وقرأته، فأما ما ذكرت من سرعتنا بالمساءة إلى أنصار عثمان وكراهتنا لسلطان بني أمية، فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره حتى صرت إلى ما صرت إليه، وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان الوليد بن عقبة، وأما طلحة والزبير فإنهما أجلبا عليه، وضيقا خناقه، ثم خرجا ينقضان البيعة ويطلبان الملك، فقاتلناهما على النكث وقاتلناك على البغي، وأما قولك: إنه لم يبق من قريش إلا ستة فما أكثر رجالها، وأحسن بقيتها، وقد قاتلك من خيارها من قاتلك، ولم يخذلنا إلا من خذلك، وأما إغراؤك إيانا بعدي وتيم، فإن أبا بكر وعمر خير من عثمان كما أن عثمان خير منك، وقد بقي لك منا ما ينسيك ما قبله وتخاف ما بعده، وأما قولك: إنه لو بايعني الناس استقمت، فقد بايع الناس عليا وهو خير مني فلم تستقم له: وما أنت وذكر الخلافة يا معاوية؟ وإنما أنت طليق وابن طليق، والخلافة للمهاجرين الأولين، وليس الطلقاء منها في شئ، والسلام (1) وفي لفظ ابن قتيبة: فما