وشر رجال، كهف المنافقين، دخل في الاسلام كرها، وخرج منه طوعا، لم يقدم إيمانه ولم يحدث نفاقه، كان حربا لله ولرسوله، حزبا من أحزاب المشركين، عدوا لله ولنبيه وللمؤمنين، أقول الناس للزور، وأضلهم سبيلا، وأبعدهم من رسول الله وسيلة، الغاوي اللعين، ليس له فضل في الدين معروف، ولا أثر في الاسلام محمود، عادى الله ورسوله وجاهدهما، وبغى على المسلمين، وظاهر المشركين، فلما أراد الله أن يظهر دينه وينصر رسوله أتاه فأسلم وهو والله راهب غير راغب، قبض رسول الله والرجل يعرف بعداوة المسلم ومودة المجرم، يطفي نور الله، ويظاهر أعداء الله، أغوى جفاة فأوردهم النار وأورثهم العار، لم يكن في إسلامه بأبر وأتقى ولا أرشد ولا أصوب منه في أيام شركه وعبادته الأصنام.
هذا معاوية عند رجال الدين الصحيح الأبرار الصادقين، وهذه صحيفة من تاريخه السوداء، وتؤكد هذه الكلم القيمة ما يؤثر عن الرجل من بوائق وموبقات هي بمفردها حجج دامغة على سقوطه عن مبوأ الصالحين، فإنها لا تتأتى إلا عن تهاون بأمر الله ونهيه، وإغضاء عن نواميس الدين وشرايع الاسلام، وتزحزح عن سنة الله، وتعد وشذوذ عن حدوده، ومن يعتد حدود الله فأولئك هم الظالمون، وإليك نزر منها:
1.
معاوية والخمر 1 - أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده 5: 347 من طريق عبد الله بن بريدة قال: دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا، ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي ثم قال: ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال معاوية: كنت أجمل شباب قريش، وأجودهم ثغرا، وما شئ كنت أجد له لذة كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدثني.
2 - أخرج ابن عساكر في تاريخه 7: 211 من طريق عمير بن رفاعة قال: مر على عبادة (1) بن الصامت وهو في الشام قطارة تحمل الخمر فقال: ما هذه؟ أزيت؟ قيل