ونكاله، واغمد سيفك عن الناس، فقد والله أكلتهم الحرب، فلم يبق منهم إلا كالثمد (1) في قرارة الغدير. والله المستعان.
فكتب علي عليه السلام إليه كتابا منه:
وأما تحذيرك إياي أن يحبط عملي وسابقتي في الاسلام، فلعمري لو كنت الباغي عليك لكان لك أن تحذرني ذلك، ولكني وجدت الله تعالى يقول: فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله. فنظرنا إلى الفئتين، أما الفئة الباغية فوجدناها الفئة التي أنت فيها، لأن بيعتي لزمتك وأنت بالشام، كما لزمتك بيعة عثمان بالمدينة، وأنت أمير لعمر على الشام، وكما لزمت يزيد أخاك بيعة عمر وهو أمير لأبي بكر على الشام.
وأما شق عصا هذه الأمة، فأنا أحق أن أنهاك عنه، فأما تخويفك لي من قتل أهل البغي فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني بقتالهم وقتلهم وقال لأصحابه: إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. وأشار إلي، وأنا أولى من اتبع أمره، وأما قولك: إن بيعتي لم تصح، لأن أهل الشام لم يدخلوا فيها، فكيف؟
وإنما هي بيعة واحدة تلزم الحاضر والغائب، لا يثنى فيها النظر، ولا يستأنف فيها الخيار، الخارج منها طاعن، والمروي (2) فيها مداهن، فأربع على ظلعك، وانزع سربال غيك، واترك ما لا جدوى له عليك، فليس لك عندي إلا السيف، حتى تفئ إلى أمر الله صاغرا، وتدخل في البيعة راغما، والسلام.
ومن كتاب لمعاوية إلى علي عليه السلام:
فدع اللجاج والعبث جانبا، وادفع إلينا قتلة عثمان، وأعد الأمر شورى بين المسلمين، ليتفقوا على من هو لله رضا، فلا بيعة لك في أعناقنا، ولا طاعة لك علينا، ولا عتبى لك عندنا، وليس لك ولأصحابك إلا السيف.
فأجابه الإمام عليه السلام بكتاب منه قوله:
وزعمت أن أفضل الناس في الاسلام فلان وفلان، فذكرت أمرا إن تم اعتزلك