الوقت بالجدارة والنص وإجماع لا يستهان به من بقايا رجال الحل والعقد؟ أو إنه ناوئه في الأمر وغدر به وكاده؟ لما ظهر من أجناده الخور والفشل، وقلبوا على إمام الحق ظهر المجن، وحدت بهم المطامع والميول إلى أن يسلموه لمعاوية إن قامت الحرب على أشدها، فالتجأ الإمام إلى الصلح صونا لدماء شيعته، وإبقاء على حياة ذوية.
فهل كان معاوية طيلة هذه المدد في ذكر من روايته هذه؟ وهل علم أنه طوى تلكم السنين وليس في عنقه بيعة لإمام؟ وإنه لا يحل لمسلم أن يبيت ليلتين ليس في عنقه لإمام بيعة؟ (1) وإنه إن مات والحالة هذه مات ميتة جاهلية؟ أو إنه كان يرى من فقهه استثناءه من هذه الكلية التي لم يستثن منا الرسول صلى الله عليه وآله أحدا؟ أو إن جهله بالأحكام وبنفسه كان يطمعه في أن يكون هو الخليفة المبايع له، والمطاع بأمر الله ورسوله؟ وهيهات له ذلك، وهو طليق ابن طليق، ولم يؤهله لها علم ولا حنكة، ولا نص ولا إجماع، إلا شره منهم، وطمع زائغ، وحلوم مطاشة، أو أن الرجل كان لم يكترث لأن يموت ميتة جاهلية على ولاية سواع وهبل؟
لفت نظر:
إن حديث معاوية: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية. أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 5: 218، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص 259 من طريق عبد الله ابن عمر وزاد: ومن نزع يدا من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له.
وهذا الحديث معتضد بألفاظ أخرى من طرق شتى منها:
قوله صلى الله عليه وآله: من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
أخرجه مسلم في صحيحه 6: 22، والبيهقي في سننه 8: 156، وابن كثير في تفسيره 1: 517، والحافظ الهيثمي في المجمع 5: 218، واستدل بهذا اللفظ شاه ولي الله في إزالة الخفاء 1 ص 3 على وجوب نصب الخليفة على المسلمين إلى يوم القيامة وجوبا كفائيا.
وقوله صلى الله عليه وآله: من مات وليس عليه طاعة مات ميتة جاهلية.
أخرجه أحمد في مسنده 3: 446، والهيثمي في المجمع 5: 223.