ومن هنا وهناك كان مولانا أمير المؤمنين عليه السلام يوجب قتال أهل الشام ويقول: لم أجد بدا من قتالهم أو الكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. وفي لفظ: ما هو إلا الكفر بما نزل على محمد، أو قتال القوم (1).
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر وجوه أصحابه كأمير المؤمنين، وأبي أيوب الأنصاري وعمار بن ياسر، بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وقد مرت أحاديثه في الجزء الثالث ص 167 - 170 وكان من المتفق عليه عند السلف: إن القاسطين هم أصحاب معاوية.
فبأي حجة ولو كانت داحضة كان معاوية الذي يجب قتله وقتاله يستسيغ محاربة علي أمير المؤمنين؟ وبين يديه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم إن كان ممن يقتص أثرهما وفي الذكر الحكيم قوله سبحانه: فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (2) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (3) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (4) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون. (5) فلم يكن القتال أول فاصل لنزاع الأمة قبل الرجوع إلى محكمات الكتاب، وما فيه فصل الخطاب من السنة المباركة، ولذلك كان مولانا أمير المؤمنين يتم عليهم الحجة بكتابه وخطابه منذ بدء الأمر برفع الخصومة إلى الكتاب الكريم وهو عدله، وكان يخاطب وفد معاوية ويقول: ألا إني أدعوكم إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه (تاريخ الطبري 6: 4) ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية ومن قبله من قريش قوله: ألا وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وحقن دماء هذه الأمة.
شرح نهج البلاغة 1: 19.