الدين، ولا فضائلهم في الاسلام، أن ينازعهم الأمر الذي هم أهله وأولى به فيحوب ويظلم، ولا ينبغي لمن كان له عقل أن يجهل قدره، ويعدو طوره، ويشقي نفسه بالتماس ما ليس بأهله، فإن أولى الناس بأمر هذه الأمة قديما وحديثا أقربها من الرسول، وأعلمها بالكتاب، وأفقهها في الدين، أو لهم إسلاما، وأفضلهم جهادا، وأشدهم بما تحمله الأئمة من أمر الأمة اضطلاعا، فاتقوا الله الذي إليه ترجعون، ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون، وأعلموا أن خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون، وأن شرارهم الجهال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم، فإن للعالم بعلمه فضلا، وإن الجاهل لا يزداد بمنازعته العالم إلا جهلا، ألا وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وحقن دماء هذه الأمة، فإن قبلتم أصبتم رشدكم، واهتديتم لحظكم، وإن أبيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الأمة، لم يزدادوا من الله إلا بعدا، ولا يزداد الرب عليكم إلا سخطا، والسلام.
راجع الإمامة والسياسة 1: 20، 71، 72، 77، 78، كتاب صفين 34، 38، 58، 59، 62 - 65 ط مصر، كامل المبرد 1: 155، 157، العقد الفريد 2: 233. وفي ط 284، نهج البلاغة 2: 7، 8، 30، 35، 98، شرح ابن أبي الحديد 1: 77، 136، 248، 252 و ج 3: 300، 302، صبح الأعشى 1: 229، نهاية الإرب 7: 233. ومر بعض هذه الكتب بتمامه في هذا الجزء.
قال الأميني: ألم تعلم أيها القارئ الكريم عقيب ما استشففت هذه الكتب المترددة بين إمام الحق ورجل السوء " معاوية " أنه حين يسر حسوا في ارتغاء محتجا بقتل عثمان تارة، وبإيواء قاتليه تارة أخرى، وبطلبه حقن الدماء كمن لا يبتغيه هو، أنه كان لا يبتغي إلا الخلافة؟ وأنه يعدو إليها ضابحا، ويضحي دونها كل غال ورخيص، ويهب دونها الولايات، ويمنح تجاهها المنائح، ويهب الرضائخ، ويستهوي بها النفوس الخائرة، ومهملجي نهمة الحاكمية، ويستهين بيعة المهاجرين والأنصار، وهم إلب واحد لبيعة إمام الهدى صلوات الله عليه، ويحسبهم قد فارقوا الحق وخبطوا في العمى، ويرجح كفة الشام على كفة عاصمة الاسلام، وأهلوه هم الصحابة العدول من المهاجرين والأنصار، على أنه ليس للطليق ابن الطليق أن يتدخل في شأن هم أثبتوا دعائمه،