اليوم شئ تخافه. فقال لي: هيهات هيهات ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو عدي فاجتهد و شمر عشر سنين، فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: عمر، ثم ملك أخونا عثمان فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه فعمل ما عمل وعمل به فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره وذكر ما فعل به، وإن أخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله. فأي عمل يبقى مع هذا لا أم لك، والله إلا دفنا دفنا؟. (1) فهل تجد إذن عند معاوية إذعانا بما جاء من الكتاب في علي عليه السلام؟ أو تراه مخبتا إلى شئ من الكثير الطيب الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وآله في الثناء على الإمام الطاهر؟ حينما عاداه وأبغضه ونقصه وسبه وهتك حرماته وآذاه وقذفه بالطامات وحاربه وقاتله و تخلف عن بيعته وخرج عليه.
أو ترى أن يسوغ لمسلم صدق نبيه ولو في بعض تلكم الآثار والمآثر أن يبوح بما كتبه ابن هند إلى الإمام عليه السلام من الكلم القارصة بمثل قوله في كتاب له إليه عليه السلام:
ثم تركك دار الهجرة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها: إن المدينة لتنفي خبثها، كما ينفي الكير خبث الحديد. فلعمري لقد صح وعده، وصدق قوله، ولقد نفت خبثها وطردت عنها من ليس بأهل أن يستوطنها فأقمت بين المصرين، وبعدت عن بركة الحرمين، ورضيت بالكوفة بدلا من المدينة، وبمجاورة الخورنق والحيرة عوضا عن مجاورة خاتم النبوة.
ومن قبل ذلك ما عيبت خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام حياتهما فقعدت عنهما، و ألبت عليهما، وامتنعت من بيعتهما، ورمت أمرا لم يرك الله تعالى له أهلا، ورقيت سلما وعرا، وحاولت مقاما دحضا (2) وادعيت ما لم تجد عليه ناصرا، ولعمري لو وليتها حينئذ لما ازدادت إلا فسادا واضطرابا، ولا أعقبت ولايتكها إلا انتشارا وارتدادا، لأنك الشامخ بأنفه، الذاهب بنفسه، المستطيل على الناس بلسانه ويده.