ظهرت أي المصرين أحببت. قال زياد: فلما قضى معاوية كلامه حمدت الله عز وجل وأثنيت عليه ثم قلت:
أما بعد: فإني على بينة من ربي، وبما أنعم علي، فلن أكون ظهيرا للمجرمين.
ثم قمت (1) وروى ابن ديزيل من طريق عمرو بن سعد بإسناده أن قراء أهل العراق، وقراء أهل الشام عسكروا ناحية وكانوا قريبا من ثلاثين ألفا، وأن جماعة من قراء العراق منهم عبيدة السلماني، وعلقمة بن قيس، وعامر بن عبد قيس، وعبد الله بن عتبة بن مسعود وغيرهم جاؤوا معاوية فقالوا له: ما تطلب؟ قال: أطلب بدم عثمان. قالوا: فمن تطلب به؟ قال: عليا. قالوا: أهو قتله؟ قال: نعم وآوى قتلته. فانصرفوا إلى علي فذكروا له ما قال فقال: كذب! لم أقتله وأنتم تعلمون أني لم أقتله، فرجعوا إلى معاوية فقال: إن لم يكن قتله بيده فقد أمر رجالا، فرجعوا إلى علي فقال: والله لا قتلت ولا أمرت ولا ماليت. فرجعوا فقال معاوية: فإن كان صادقا فليقدنا من قتلة عثمان، فإنهم في عسكره وجنده. فرجعوا، فقال علي: تأول القوم عليه القرآن في فتنة ووقعت الفرقة لأجلها، وقتلوه في سلطانه وليس لي عليهم سبيل. فرجعوا إلى معاوية فأخبروه فقال:
إن كان الأمر على ما يقول فما له أنفذ الأمر دوننا من غير مشورة منا ولا ممن ها هنا؟
فرجعوا إلى علي فقال علي: إنما الناس مع المهاجرين والأنصار، فهم شهود الناس على ولايتهم وأمر دينهم، ورضوا وبايعوني، ولست أستحل أن أدع مثل معاوية يحكم على الأمة ويشق عصاها، فرجعوا إلى معاوية فقال: ما بال من ها هنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الأمر؟ فرجعوا، فقال علي: إنما هذا للبدريين دون غيرهم، وليس على وجه الأرض بدري إلا وهو معي، وقد بايعني وقد رضي، فلا يغرنكم من دينكم وأنفسكم (2) ها هنا تجد الباغي متجهما تجاه تلك الدعوة الحقة كأنه هو بمفرده، أو هو و طغام الشام والأجلاف الذين حوله بيدهم عقدة أمر الأمة، تنحل وتعقد بمشيئتهم