ولعل الباحث يقرب من عرفان حقيقة ابن عمر إن أمعن النظر فيما أخرجه ابن عساكر من طريق إمام الحنابلة أحمد عن ابن ابزي: إن عبد الله بن الزبير قال لعثمان يوم حصر: إن عندي نجائب قد أعددتها لك، فهل لك أن تتحول إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك؟ قال: لا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله عليه نصف أوزار الناس، ولا أراك إلا إياه أو عبد الله بن عمر (تاريخ ابن عساكر 7: 414).
وأخرج أحمد في مسنده 2: 136: أتى عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير فقال:
يا ابن الزبير إياك والالحاد في حرم الله تبارك وتعالى فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت. قال: فانظر لا تكونه.
الفريق الثاني.
أما الفريق الثاني من أخبار ابن عمر فحدث عنه ولا حرج، تراه لا يدعه عداءه المحتدم ونفسيته الواجدة على أمير المؤمنين، أو حبه المعمى والمصم للبيت العبشمي أن يجري على لسانه اسم علي وذكر أيام خلافته فضلا عن أن يبايعه، مر حول حديث ذكرناه في هذا الجزء صفحة 24 قول ابن حجر: لم يذكر ابن عمر خلافة علي لأنه لم يبايعه لوقوع الاختلاف عليه. إلى آخر كلامه.
وسبق في ص 36 من طريق الحافظ ابن عساكر ذكر ابن عمر الخلافة الإسلامية و عده خلفائها الاثني عشر من قريش: أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية ويزيد والسفاح و منصور وجابر والأمين وسلام والمهدي وأمير العصب وقوله فيهم: إن كلهم صالح لا يوجد مثله.
أي نفسية ذميمة أو عقلية ساقطة دعت الرجل إلى هذه العصبية عصبية الجاهلية الأولى، هب أن خلافة أمير المؤمنين كانت غير مشروعة - العياذ بالله - ولكن هل كانت من السقوط على حد هو أسوء حالا من أيام يزيد الطاغية الباغية وملكه العضوض الذي استساغ الرجل أن يلهج به دون عهد أمير المؤمنين وخلافته؟ وهلا تسوغ تسمية أيام الفراعنة والجبابرة لدى سرد تاريخ قصة أو قضية؟ وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله عند